يقع على عاتق الآباء والأمهات مسؤولية عظيمة وسامية تتمثل في تربية أبنائهم بالطريقة السليمة والمثالية ليكونوا في المستقبل أشخاص ناجحين صحيين مساهمين في بناء المجتمع. ولكن نرى أن طريقة الآباء والأمهات في تربية أبنائهم غالباً تقتصر على التربية العملية المتمثلة في توفير المال اللازم للبيت والطعام والدراسة وكذلك تأمين مستقبلهم المادي في معظم الأحيان. وهذا يتسبب في تغييب أو إهمال احتياجات أبناءهم العاطفية، وهذا بدوره سيؤثر على حياتهم العملية، الاجتماعية، والعاطفية بشكل بليغ. بل الأسوأ أنهم أحياناً يتفوهون بعبارات أمام أبنائهم الصغار لها أثر سلبي في أذهانهم، ويؤثر على مدى ثقتهم بأنفسهم على المدى الطويل، ويُنمي شعور المنافسة غير الصحي فيهم.
بناءً على ذلك يجب عليك معرفة كيف تتعامل مع الاطفال، لذلك لا ينبغي على الآباء قول مثل هذه العبارات أمام أبنائهم الصغار، وهي:
أولاً: ” لا تجعلني أشعر بالخجل منك”
يستخدم الآباء والأمهات أحياناً وبلا وعي العديد من العبارات التي يريدون بها تحسين سلوك أبنائهم أو التقليل من سلوكياتهم المزعجة.
ولا يدركون مدى التأثير المدمر لبعض العبارات المتطرفة، مثل ” لا تجعلني أشعر بالخجل منك”، وكيف أنها تجرح مشاعرهم وتعيق قدرتهم الطبيعية على التعامل مع الثناء أو النقد البنّاء.
وعندما يسمع الأطفال مثل هذه العبارات، سيسعون لنيل الرضا من عيون الناس بغض النظر عما يريدون هم أنفسهم، وسيسبب لديهم مشاكل غير بسيطة في حياتهم الاجتماعية والعاطفية.
ثانياً: “أعدك أن نذهب إلى رحلة هذا العام”
أن لا تفي بوعدك من الصفات السلبية حقاً، فما بالك أمام طفلك؟ عندما تعد طفلك برحلة، ثم تنسحب دون تحقيق رغبته ظناً منك أنه سينسى أو لن يهتم أو لن يفهم، فأنت للأسف غير محق. تؤثر مثل هذه التصرفات كثيراً في نفوس الأطفال وتفقدهم الثقة في من حولهم وفي أنفسهم. وستعيق كذلك مقدرتهم على التعامل مع البالغين الآخرين حولهم خاصة في مجال عملهم في المستقبل. وقد تكون ردة فعلهم على مثل تلك التصرفات هو الكذب والمراوغة تماماً كما تم ممارسته عليهم.
لذلك، تذكر مدى أهمية الإيفاء بالوعد عند الطفل. وفي حال كنت مضطراً لأن لا تفي بوعدك، برر لهم ذلك وما الأسباب وراء عدم مقدرتك بدل من أن تضعه أمامهم كأمر واقع.
ثالثاً: ” عندما كنت في مثل عمرك، أنجزت إنجازات عظيمة”
أن تذكر إنجازاتك الجيدة ولحظات نجاحك المميزة أمام أطفالك ليس بالشي السيء دوماً. لكن المبالغة في ذكرها والرجوع لها عند معظم المواقف والحوارات لها أثر سلبي على نفوس أطفالك خاصة في المستقبل. حيث سيحفز ذكرك لإنجازاتك حس المنافسة غير الصحي لديهم وشعورهم بالاكتئاب لعدم تحقيقهم أو معرفته لقيمتهم الحقيقية. وسيجعل أطفالك يميلون لتحقيق غايات الآخرين وما يريدونه منهم دون الاهتمام بما يريدونه هم. وهذا على المدى البعيد سيسبب لهم الكآبة وعدم الاستمتاع بحياة جميلة ملؤها الرضا.
رابعاً: ” أبلى غيرك من الأطفال أفضل منك في الامتحان”
لمقارنة طفلك بمستوى الآخرين وإنجازاتهم آثار سلبية جداً على نفسيته وشخصيته وطرق تعامله مع الآخرين ومع زملائه.
وستؤثر كذلك على مقدرتهم على تكوين صداقات وعلاقات جميلة مع من هم في سنه، وستتكون لديه طبيعة عدائية تجاه الآخرين غرضها فقط الانتصار عليهم وإلحاق الهزائم والخسائر بهم. وقد تؤثر بطريقة متطرفة أخرى وهي شعوره بالدونية وبأنه مهما فعل، لن يرتقي لمستوى أقرانه.
خامساً: ” لن تنمو وتبقى قوياً إذا لم تكمل طبقك”
تستخدم هذه العبارة غالباً من الآباء والأمهات وبحسن نية، دون أن يعوا نتائجها السلبية على أطفالهم. فهذا التلاعب اللفظي لن يخفى على الأطفال وقد يكون سبباً في عنادهم وتناولهم لمأكولات أخرى ضارة. بدلاً من ذلك، يمكنك تشجيعهم على تناول أصناف صحية معينة ومكافأتهم بكميات أقل من المأكولات التي يفضلونها.
سادساً: ” أنت بالضبط كأمك أو أبيك”
بالتأكيد، يعتمد مدى سوء مثل هذه العبارة على السياق الذي استخدمت فيه. فإذا قيلت مثل هذه العبارة بغضب، سيفهم الطفل ضمنياً أن أبيه أو أمه (حسب من يقول العبارة) غير مسرور بعلاقته مع أبيه أو بهذه السمات فيه. وبالتالي، سيكره الطفل هذه السمات الي تشابه فيها مع أبيه أو أمه. وهذا بدوره يؤثر على علاقته مع أحد والديه أو ربما كليهما. وبشكل عام، يتذبذب مستوى ثقة الأطفال بنفسهم، وعلى المدى البعيد يشكل عامل تشتيت لهم في حياتهم العملية والاجتماعية.
سابعاً: “إذا فعلت هذا من أجلي، سأحبك للأبد”
يبدو تأثير هذه الجملة السلبي واضحاً نوعاً ما، حيث أن حب الآباء والأمهات لأبنائهم يجب أن يكون أبدياً ودون أية شروط. فتكرار مثل هذه الجملة الشرطية سينافي سجية الحب الأبوي والفطري، وسيجعل الطفل يشعر بانعدام الأمان والثقة، وأنه دوماً تحت اختبار تحقيق أمنيات ومطالب أهله. وسيكبر كشاب ثم كرجل يحاول أن يرضي الآخرين ويلبي مطالبهم دون الاهتمام بما يريده هو نفسه. وسيجعلهم يواجهون مشاكل عديدة في المستقبل.
لذلك، عليك إيلاء المزيد من الاهتمام للعبارات التي تتفوه بها وتعرف مدى تأثيرها في نفوس أطفالك لتضمن لهم حياة ملؤها الأمان والصحة والحب والرضا.
ودمتم بعافية….
0 Comments